روسيا ممنوع اسقاط سوريا حتى لانسقط
د.نسيب حطيط
تسارعت الخطوات الروسية على الساحة السورية بشكل فاجأ اكثر الدول الإقليمية والغربية، لكنه لم يفاجىء اميركا وايران و وسوريا ،فتدفقت المساعدات العسكرية من الأسلحة المتطورة والكاسرة للتوازن حتى مع العدو الإسرائيلي لجهة صواريخ أرض –جو وغيرها من طائرات سوخوي الحديثة واسلحة متطورة لم يكشف النقاب عنها والأهم ان لاحدود ولا خطوط حمر امام هذه المساعدات الروسية، كما أعلنت القيادة الروسية بل وأعلنت روسيا إستعدادها للقتال في سوريا اذا طلبت سوريا ذلك وعلى كل المستويات لمنع إسقاط الدولة السورية والمؤسسات الأمنية والعسكرية ،كما حدث في العراق بعد الغزو الأميركي او كما حدث في ليبيا بعد ما يسمى الثورة القطرية والسعودية والتركية التي لم تبن دولة حتى الآن مع ان القذافي قتل والناتو والخليجيين اسياد ليبيا !
لكن السؤال هل تقاتل روسيا في سوريا دفاعا" عن سوريا ام عن نفسها و لماذا تقاتل ؟
إن روسيا وبعد تعرضها للخداع في ليبيا وتغطيتها لعدوان الناتو عبر مجلس الأمن وبعد العدوان السعودي على اليمن ومحاولة الأميركيين السيطرة على باب المندب ومحاولة السيطرة على سوريا عبر إسقاط الدولة السورية بحجة إسقاط الرئيس الأسد ودعم المعارضة السورية (الغير موجودة ) وبعد تلمسها للخطر الداهم لها في الدول ذات الأغلبية المسلمة في اسيا الوسطى بعد أوكرانيا وخشية من ان يطيح الاتفاق النووي الإيراني مع ال(5+1) بالوجود الروسي في المنطقة والتي كانت الملكة إيكاترينا الثانية قد قالت "مفاتيح بيتي في دمشق... وإن لم نصل للمياه الدافئة سنتجمد في صقيع الشمال " لذا قرر بوتين المواجهة وخلع القفازات الدبلوماسية واعلن استعداده للقتال في سوريا للأسباب التالية :
- تقاتل روسيا في سوريا ضد الإرهاب التكفيري الملقح بأكثر من 2000 روسي عدا عن التكفيريين من جمهوريات طاجيكستان وقرقيزستان وأوزباكستان والشيشان وغيرها حتى لايتم نقلهم اليها بعد إنتصار اميركا في سوريا .
- لم يبق لروسيا أي تواجد على البحر المتوسط وكذلك على المضائق الأربعة (هرمز –جبل طارق-باب المندب – البوسفور) والتي تتحكم بالتجارة العالمية والنفط وحركة الملاحة ،إلا قاعدة طرطوس البحرية في سوريا وان سقطت تجمدت روسيا وحوصرت في الملاحة البحرية وما لها من تداعيات .
- إن ظهور المارد الصيني الاقتصادي والعسكري وعلاقته الاقتصادية المميزة مع أميركا ،أخاف الروس وأقلقهم من مقايضة أميركية – صينية تقوم على ان السياسة والنفوذ العالمي لأميركا والإقتصاد للصين ،سيقلص الدور الروسي أو ربما شطبه دوليا" كما حدث للدول الأوروبية التي تلعب دور الكورس في السياسة الأميركية وليس دور الشريك .
- إن ظهور النفط والغاز مقابل الشاطىء السوري ومايمثله هذان المنتجان في اساسيات السياسة الدولية وتأثيرهما الإقتصادي وبعد توقيع الإتفاقيات السورية – الروسية حولهما اجبر الروس للقتال دفاعا عن مصالحهم المتعددة المستويات .
إن هذه الأسباب مجتمعة بالإضافة للتحالف الروسي السوري التاريخي ولا ننسى الصمود السوري الرائع والمميز مع حلفاء سوريا الذين يقاتلون معها منذ بداية الأزمة دفع القيادة الروسية للتجرؤ لإتخاذ اول قرار عسكري وسياسي منذ تفكك الإتحاد السوفياتي وهزيمته في أفغانستان للدفاع عن الإتحاد الروسي خوفا" من تعرضه للتفتيت كما حصل مع السوفيات قبل ذلك ..روسيا تدافع عن نفسها وعن العالم قبل الدفاع عن سوريا فالإرهاب التكفيري يهدد العالم بما فيهم صانعيه وداعميه ما عدا الأب الروحي والجيني الأميركي !
إن التدخل الروسي سيقلص من حجم التدخل الإسرائيلي في سوريا خاصة الغارات الجوية الإسرائيلية والدعم للتكفيريين والجماعات المسلحة وسيجعل روسيا وإسرائيل متناقضين في الميدان السوري ،فإسرائيل في خندق النصرة وأخواتها وروسيا في خندق المواجهة مع التكفيريين وهذا ما يزيد من الخسائر الإسرائيلية في سوريا وتقليص الدعم خوفا من المفاجأت العسكرية كما حصل مع صواريخ الكورنيت في حرب تموز 2006 في لبنان .
سوريا خط الدفاع الأخير للأمن الروسي وإن لم يقاتل الروس في سوريا ستقاتلهم أميركا عبر التكفيريين في شوارع موسكو وستعتصم المعارضة الروسية في الساحة الحمراء حتى إسقاط القيصر بوتين!